كشف تقرير الجارديان عن انتشار عمليات احتيال على منصة تيك توك تستهدف الباحثين عن عمل، خاصة من الشباب الكينيين. استعرض التقرير الذي كتبه كارلوس موريثي قصص أشخاص وقعوا ضحية لمكاتب توظيف وهمية، دفعوا مبالغ مالية كبيرة مقابل وظائف لم تتحقق، وعكس ذلك هشاشة الاقتصاد الكيني وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

 

وفقًا للتقرير الصادر عن الجارديان، استخدمت وكالات غير مسجلة على المستوى الرسمي منصة تيك توك للإعلان عن وظائف في أوروبا وأمريكا الشمالية، مدعية توفير تأشيرات عمل جاهزة ومقابلات وظيفية حقيقية. سجلت منصة تيك توك بين الكينيين استخدامًا واسعًا يصل إلى 62% من السكان، حيث لجأ العديد منهم للبحث عن فرص العمل عبر التطبيق، بسبب الركود الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة معدلات البطالة التي تقدر بنحو 17% وفق البنك الدولي.

 

قصص ضحايا الاحتيال

 

قصة ليليان، 35 عامًا، من كينيا وتعيش في قطر، تُظهر خطورة هذه الاحتيالات. رأت ليليان منشورات من وكالة تدّعي تقديم وظائف أوروبية عبر تأشيرات جاهزة. دفعت وديعة بقيمة 150 ألف شلن كيني، أي ما يعادل مدخراتها لعام كامل، لتكتشف لاحقًا أن الوكالة غير مسجلة رسميًا، ولا علاقة لها بالشريك المفترض في هولندا. تجاهلت الوكالة مطالبها باسترداد الأموال، وأغلقت أرقام هواتفها.

 

على غرار ليليان، تعرض ستة كينيين آخرين للاحتيال من عدة وكالات، دفعوا مبالغ تتراوح بين 100 ألف و545 ألف شلن، واضطروا لبيع الماشية أو أخذ قروض أو الاستدانة من العائلة والأصدقاء لتغطية رسوم الوكالات مقابل وظائف لم تُمنح أبدًا.

 

أساليب الاحتيال

 

استخدمت الوكالات أساليب مقنعة لخداع الباحثين عن العمل، تضمنت تزوير وثائق رسمية من مستشفيات كندية وهيئات الهجرة، وإنشاء مقابلات وهمية مع أرباب عمل مزعومين. وصف أحد الشباب الباحثين عن عمل كيف أن المكتب بدا منظمًا واحترافيًا، مما جعلهم يصدقون شرعية العرض.

 

مثال آخر على هذه الممارسات هو وكالة Halisi Affiliates، التي تأسست في ديسمبر 2023، وأعلنت وظائف في أوروبا وأمريكا الشمالية كوكالة غير مسجلة رسميًا. دفعت نيمو 150 ألف شلن لتأمين وظيفة لأختها في مطعم برومانيا، لكنها اكتشفت أنها واحدة من أكثر من 50 حالة مشابهة، ولم تتلق أي تحديثات على مدار أشهر. أغلق مكتب Halisi حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما ظهرت شركة جديدة بنفس الاسم تقريبًا على تيك توك بعد فترة قصيرة.

 

الإجراءات الحكومية والرقابة

 

استجابت الحكومة الكينية لتفاقم الظاهرة عبر وضع أكثر من 30 وكالة على القائمة السوداء، والتحقيق مع أكثر من 150 وكالة أخرى، وسط اتهامات بممارسات توظيف غير قانونية. لكن وكالات غير مدرجة في القائمة استمرت في الإعلان على تيك توك، مستغلة غياب الرقابة الفعلية.

 

ورغم أن بعض الشخصيات واجهت اتهامات جنائية، مثل ماريا كامونجي (المعروفة باسم ريش كامونجي)، فإن التحدي الرئيسي لا يزال في قدرة السلطات على مراقبة آلاف الحسابات النشطة على المنصة، ومنع تكرار الاحتيال على الشباب الباحثين عن فرص أفضل في الخارج.

 

السياق الاقتصادي والاجتماعي

 

ارتبط انتشار الاحتيالات على تيك توك بالركود الاقتصادي في كينيا، وسعي الحكومة لتصدير العمالة لمواجهة البطالة وتعزيز تحويلات المهاجرين. تخطط السلطات لتوفير وظائف لمليون كيني سنويًا في الخارج، ما يدفع الكثير من الشباب للبحث عن فرص عبر الإنترنت.

 

يشير التقرير إلى أن هؤلاء الضحايا غالبًا ما يحتفظون بالسرية خوفًا من وصمة الفشل، وأن عمليات الاحتيال تؤثر على حياتهم المادية والنفسية بشكل عميق، إذ تُترك الأسر بلا مدخرات بعد أن باع البعض ممتلكاته لتغطية رسوم وكالات وهمية.

 

يعكس انتشار الاحتيالات على تيك توك هشاشة آليات التوظيف الرسمية في كينيا، وغياب الرقابة الكافية على المنصات الرقمية، والتأثير السلبي للأزمة الاقتصادية وارتفاع البطالة. يحذر التقرير من استمرار هذا النمط ما لم تتخذ الحكومة والمنصات الرقمية إجراءات صارمة للتحقق من شرعية وكالات التوظيف، وحماية الباحثين عن العمل من الوقوع ضحية لمحتالين يستغلون اليأس والحاجة.

 

https://www.theguardian.com/global-development/2025/dec/08/scam-job-ads-tiktok-kenya-taking-peoples-money